التحول الرقمي بات ضرورة ملحة في جميع مجالات الحياة وفي القضاء


فاطمة عبداللطيف الحيا - كلية إعلام جامعة البحرين


اعتبرت مديرة مكتب ضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي في كلية الحقوق بجامعة البحرين د. وفاء جناحي أن التحول الرقمي بات ضرورة ملحة في جميع مجالات الحياة وفي القضاء، وخاصةً أن القضاء يمس الحقوق الأسرية والحقوق المدنية والحقوق التجارية، والتي لكل منها تأثير سواء على مستوى الأسرة البحرينية أو على مستوى الاقتصاد الوطني. وبالتالي، استعداد أي جهة اليوم لهذا التحول الرقمي هو أمر جيد واستراتيجية يجب أن تتخذها كل مؤسسة.

وشددت على أهمية تخصص القانون التجاري وتخصص الملكية الفكرية؛ لأنه يجمع العديد من الأمور، مثل براءة الاختراع والعلامات التجارية وأيضا حقوق المؤلف وحقوق الغير وحقوق المنتجين والفنانين، مؤكدة أنه لو توجه الطلبة لهذه التخصصات الجديدة سيحققون تميزاً في سوق العمل، إلى جانب تخصص القانون البحري والشحن البحري والجمارك وغيره من هذه التخصصات، كقوانين الرياضة، والفضاء، والبحار.


في مكتبها الرحب بجامعة البحرين، تستقبلنا الدكتورة وفاء جناحي، إحدى الشخصيات البارزة في البحرين. وترتكز مسيرتها على الجهود المتواصلة في التطوير المستمر، حيث تشتهر بخبرتها الواسعة في مجالها وتفانيها في إثراء المجتمع الأكاديمي بمساهماتها القيّمة.

من هي الدكتورة وفاء جناحي؟

- أنا وفاء يعقوب جناحي، عشقت الدراسة منذ الطفولة وتدرجت في المراحل الدراسية إلى المرحلة الثانوية وبعدها مُنحت بعثة دراسية في جامعة البحرين في عام 2002 من قبل وزارة التربية والتعليم، واخترت تخصص الحقوق لكوني أحب الدفاع عن حقوق الناس وتطبيق مبادئ العدالة والمساواة. وتخرجت في عام 2007 وكنت من الأوائل على الدفعة. تم قبولي كمعيدة في كلية الحقوق وبعدها تم ابتعاثي للخارج في لدراسة الماجستير في الوﻻيات المتحدة في جامعة بيرمنغهام، بعدها حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة برستول. وعُدت إلى أرض الوطن للتدريس برتبة أستاذ مساعد في جامعة البحرين.

ما هي المناصب التي شغلتها الدكتورة وفاء جناحي وما هو المنصب الذي تشغلينه حتى الآن؟

- في عام 2018 شغلت منصب مديرة العيادة القانونية وحقوق الإنسان لمدة سنتين. بعدها توليت منصب رئيسة قسم القانون الخاص في كلية الحقوق، وكان ذلك في عام 2020 لمدة 4 سنوات. ثم تدرجت إلى منصب مديرة مكتب ضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي في كلية الحقوق، وحتى الآن أشغل هذا المنصب.

ما الذي دفعك للاهتمام بمجال القانون الخاص؟

- عشقت القانون بشكل عام في فروعه العام والخاص، ولكن وقع الاختيار حينها من عميد الكلية على أن أتخصص في القانون المدني. ومن المؤكد أن كلا الفرعين يهدفان لتحقيق العدالة وإيصال الحقوق إلى أصحابها. والفرق بين القانون العام والقانون الخاص هو أن الأخير ينظم العلاقات بين الأفراد العاديين، فبالتالي كان لدي اهتمام وطموح للعمل في مجال المحاماة في المستقبل للدفاع عن حقوق الناس وتقديم المساعدة لهم.

ما هي الدروس والتجارب التي استفدت منها خلال دراستك وعملك في مجال القانون الخاص؟

- من أكثر الدروس التي تعلمتها في هذه الحياة، عدم اتخاذ القرارات السريعة؛ فيجب أن تكون هذه القرارات مبنية على دراسة وفهم واستيعاب لجميع المعطيات الموجودة. وأيضًا، يجب تحقيق استفادة كبيرة لأي قرار أصدرته في حياتي.

ما هي التحديات التي واجهتك في مجال القانون؟

- كوني امرأة عاملة كان من أكبر التحديات التي واجهتني لأثبت لبيئة العمل وللمجتمع أن المرأة قادرة على تولي مناصب قيادية وقادرة على اتخاذ القرارات. ولديها إمكانات وقدرات خارقة تنافس فيها الرجل وقد تتفوق عليه.

ما هي الاستراتيجيات التي تتبعينها لتحقيق توازن بين الحياة العملية والشخصية؟

- طبقت استراتيجية مهمة من أجل تحقيق التوازن بين العمل والأسرة، هذه الاستراتيجية هي عبارة عن تطبيق مبدأ "Quality Time" أي جودة الوقت، وهي كمية العطاء في الوقت القصير، بدلا من قلة العطاء مع تواجدي لأوقات طويلة بين أفراد أسرتي. فكانت الاستراتيجية التي طبقتها هي محاولة التركيز في العطاء حتى لو لوقت قصير. فأنا في نهاية المطاف امرأة عاملة أقضي نصف وقتي في العمل والنصف الآخر أقوم بمسؤولياتي كأم وزوجة.

ما هي الإنجازات التي قدمتها في تطوير مجال القانون الخاص؟

- أهم مساهمة لي كوني أكاديمية هي إجراء البحوث العلمية في مجال القانون الخاص، ولله الحمد لدي مجموعة من الأبحاث العلمية بالإضافة الى كتاب علمي وهو "شرح قانون الإثبات العلمي" بالتعاون مع زميل الدكتور الهيثم عمر سليم لنفيد به طلبة الكلية.

هل تطرقت في كتاب "شرح قانون الإثبات البحريني" إلى القوانين المقارنة في دول مجلس التعاون الخليجي؟

- حاولت إعطاء صبغة مختلفة لكتابي بإضافة قوانين مجلس التعاون إلى جانب مناقشة القانون البحريني. ووجدت أنه من الأهمية بمكان أن نتحدث عن هذه القوانين، وخاصة أن الكتب التي تم كتابتها ودرست في كلية الحقوق لم تتناول قوانين مجلس التعاون الخليجي. لقد كانت هذه إضافة جديدة بالنسبة لي، وأردت أن يحمل الكتاب طابعاً جديداً يلامس دول المنطقة.

ما هي التحديات التي واجهتك خلال كتابة الكتاب وكيف تعاملت معها؟

- أحد أكبر التحديات التي واجهتني هي ضيق الوقت، كنت أحاول تخصيص جزء من وقتي لإنهاء هذا الكتاب، حيث يوجد موعد نهائي محدد لتسليمه في إطار القسم، بالإضافة إلى ذلك، هناك إجراءات أخرى بعد الانتهاء من الكتاب، مثل تحكيمه من قبل محكمين خارجيين للجامعة، وقد يستغرق هذا الإجراء وقتاً طويلاً. لذلك كان علينا تدريس الكتاب في أسرع وقت ممكن، كان هذا تحدياً كبيراً بالنسبة لي لإنجاز الكتاب في وقت قياسي وتوفيق التزاماتي الإدارية والتدريسية وأعمال التحكيم الأخرى.

ما هي الخطوات التي تعتزمين اتخاذها في المستقبل؟

- في الحقيقة أنا لا أبني حياتي على خطط. ولكن دائما أقول على قدر العطاء والعمل بإخلاص وضمير فإن الشخص يحصد ثمار هذا التعب، فبالتالي أنا أعمل بإخلاص وعلى قدر هذا العطاء سيكافئني الله بالكثير. ولكن هذا لا يمنع من أن تكون خطط الإنسان الأساسية هي تطوير الذات، فمن وجهة نظري أرى أنه يجب على كل إنسان أن يطور من نفسه في جميع مجالات الحياة ومهاراتها التي يمكن تعلمها وتعليمها؛ فأنا أجد نفسي أتعلم بشكل يومي وعملية التطوير مستمرة لا تقف.

ما هي رؤيتك لمستقبل القانون في البحرين؟

- في الحقيقة، القانون هو المستقبل في جميع المؤسسات الحكومية اليوم، سواء كانت وزارات أو هيئات، وأيضاً في القطاع الخاص من شركات ومؤسسات، لا يمكن لها أن تعمل بدون وجود دائرة أو شؤون قانونية، أو حتى محامٍ أو مستشار قانوني. وبالتالي، تخصص القانون هو تخصص لا ينضب. ولكن، حتى يكون له مستقبل، يجب على الخريج أن يتميز في هذا المجال.

أكثر من جامعة تمنح بكالوريوس في الحقوق، هل تحتاج البحرين هذه الأعداد الهائلة من خريجي الحقوق؟

- الجامعات في مملكة البحرين لديها الحرية والحق في أن تطرح أي من التخصصات العلمية المختلفة. ومع ذلك، يجب على هذه الجامعات وضع سياسة قبول محددة واضحة المعالم وربط هذه السياسة بسوق العمل. وذلك يتضمن عدم قبول عدد كبير من الخريجين، تجنباً لوجود تخمة في سوق العمل. وأيضاً، هناك مسؤولية تقع على عاتق خريجي المدارس الثانوية في اختيار التخصص المناسب؛ فالجامعات لا تجبر الطلاب على الدخول فيها، وبالتالي يجب على الخريجين أن يكونوا على دراية باحتياجات سوق العمل وأن يختاروا التخصص بناءً على متطلبات السوق.

هل ترين نفسك رمزاً للمرأة البحرينية؟

- من الصعب أن أجيب عن هذا السؤال، ولكن بالنسبة لي، هناك رموز كثيرة في مملكة البحرين أرفع لهم القبعة وأجدهم قدوة حسنة في مجال مسيرة المرأة البحرينية في العطاء. فربما أكون مثالاً جيداً للكثيرين من طلاب الحقوق أو غيرهم. أتمنى أن أكون قدوة جيدة لطلاب وطالبات الكلية. وعلى مستوى المملكة، أحاول قدر المستطاع أن أبذل قصارى جهدي من أجل تحقيق العديد من الأهداف التي تحكم في النهاية مسيرة المرأة البحرينية. أجد أن تولي المرأة البحرينية مناصب قيادية هو تمكين لنساء أخريات.

ما هو رأيك عن التحول الرقمي في الدعاوي المدنية وأثره على سرعة إصدار الأحكام مع جودتها؟

- التحول الرقمي مهم في أي مؤسسة حكومية اليوم؛ لأن المؤسسات تكون على استعداد تام لأي أمر طارئ، على سبيل المثال، انتقالنا في جائحة كورونا من وضع إلى وضع آخر. فلولا وجود التقنيات الحديثة لما استطعنا تسيير الأعمال التي فيها حفظ لحقوق الناس. وعلى ذلك أجد أن التحول الرقمي هو ضرورة ملحة في جميع مجالات الحياة وفي القضاء، وخاصةً أن القضاء يمس الحقوق الأسرية والحقوق المدنية والحقوق التجارية، والتي لكل منها تأثير سواء على مستوى الأسرة البحرينية أو على مستوى الاقتصاد الوطني. وبالتالي، استعداد أي جهة اليوم لهذا التحول الرقمي هو أمر جيد واستراتيجية يجب أن تتخذها كل مؤسسة.

أي من تخصصات القانون بات مطلوبا أكثر في سوق المحاماة الآن؟

- من وجهة نظري أرى أن جميع تخصصات القانون هي تخصصات مهمة، ولكن بالنسبة لقطاع المحاماة أجد أن تخصص القانون التجاري تخصص مهم جداً ويدر الكثير من الأموال على قطاع المحاماة والمحامية. وأيضاً التخصص الذي ظهر حديثاً ويواكب العصر هو تخصص الملكية الفكرية؛ لأنه يجمع العديد من الأمور مثل براءة الاختراع والعلامات التجارية وأيضا حقوق المؤلف وحقوق الغير وحقوق المنتجين والفنانين. فأعتقد أنه لو توجه الطلبة لهذه التخصصات الجديدة سيحققون تميزا في سوق العمل. إلى جانب تخصص القانون البحري والشحن البحري والجمارك وغيره من هذه التخصصات التي أجدها مهمة. إلى جانب التخصص في قوانين الرياضة وقوانين الفضاء وقوانين البحار.

ما هو تقييمك لتجربة عضوات مجلس النواب في الفصول التشريعية السابقة؟

- أرى أن عضوات مجلس النواب السابقات قمن بالكثير من الأعمال مقارنة بالرجال، فهن قمن بأمور ومسائل على قدر ما قام به الرجال. فلا أجد هناك نقصاً في أداء المرأة البحرينية في مجلس النواب كعضو. وهي تحاول أن تلبي احتياجات المنطقة المسؤولة عنها وتدافع عن هذه الحقوق أمام المجلس.