تعتبر نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام من أبرز نظريات الإعلام اليوم، وهي تُشير إلى اعتماد الأفراد-المرسِل أو المستقبِل- على وسائل الإعلام بشكل مباشر، من أجل الحصول على المعلومات عن موضوع ما، وتكوين آرائه وأفكاره. وتؤكد هذه النظرية أن الإعلام يعدّ من أكثر المؤثرات في الأفكار والآراء لدى الجمهور، كما تؤكّد أن حاجة المتلقّي للحصول على المعلومات ترتبط بشكل طرديٍّ مع نسبة تعَرُّضِه وحاجته لوسائل الإعلام.

إنّ فكرة الاعتماد على وسائل الإعلام ارتبطت بقدرتها على تحقيق التأثير والانتشار الواسع في العديد من المجتمعات، الأمر الذي أدّى إلى جعْلِها مُحرّكاً أساسياً، وعنصراً مهماً من العناصر التي تؤثر في آراء الأفراد داخل المجتمع الواحد، لذلك أسهمت وسائل الإعلام في تغيير سلوك الأفراد على نحو ما، والنهوض بثقافتهم الإعلامية، وخصوصاً مع التطوّرات التكنولوجية المرتبطة بدور شبكة الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي في نقل الأخبار، وتوصيلها إلى الجمهور في وقت قصير جداً، ما أسهم في تعزيز فكرة الاعتماد على وسائل الإعلام في العديد من المجالات الإخبارية.

ولهذا فإن هذا المقال سيتناول دوافع المترشحين للانتخابات للاعتماد على وسائل الاتصال المختلفة في حملاتهم الانتخابية، والتي قاموا من خلالها بشرح برنامجهم الانتخابي، وعرض إنجازاتهم، وتفنيد بعض الشائعات التي تثار بشأنهم، والتسويق لرؤيتهم تجاه القضايا المختلفة، وما يمكن أن يقدموه إذا ما فازوا في الانتخابات، مستهدفين من خلال وسائل الاتصال المتنوعة الوصول إلى أكبر شريحة من جمهور الناخبين في دوائرهم الانتخابية، ومن أجل تكوين صورة ذهنية إيجابية تجاه المرشّح.

وقد أظهرت نتائج الدراسات الميدانية اعتماد المترشحين الكبير على وسائل الاتصال بمختلف أشكالها للتواصل مع جمهور الناخبين في دوائرهم الانتخابية في أثناء الحملات الانتخابية؛ وبالأخص وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام، تويتر، وسناب شات)؛ وذلك لاستشعارهم أهمية وسائل الاتصال المختلفة للوصول إلى جمهور الناخبين، ولسرعة انتشارها، ولاستخدامها الكثيف من قبل كلا الجنسين من فئة الشباب.

وفيما يتعلق بالدوافع التي أدت بالمترشحين إلى الاعتماد على وسائل الاتصال بشكل أساسي، كشفت نتائج الدراسات الميدانية عن الآتي: جاء دافع تعريف الناخبين بالمترشح وإبراز إنجازاته في مرتبة متقدمة، وحصل بعد ذلك دافع سعي المترشحين لتوصيل البرنامج الانتخابي إلى الناخبين، ثم دافع تحسين صورة المترشِّحين أمام جمهور الناخبين، وأخيراً جاء دافع الرد على الحملات الدعائية للمنافسين.

وختاماً يتبين لنا بصورة واضحة اعتماد كل مترشح على وسائل الاتصال للوصول إلى أكبر عدد ممكن من أفراد الجمهور لمحاولة التأثير فيهم، وإقناعهم بالمترشح للوصول إلى عضوية مجلس النواب.

* أستاذ الإعلام المساعد- جامعة البحرين