هي مدينة صغيرة تقع وسط جزيرة صغيرة في مساحتها، كبيرة في إنجازاتها ومواقفها، تلك المدينة لا يقطنها إلا الناشئة والشباب، ليمكثوا فيها ضرباً من الزمان ويكتسبوا منها العلوم بأنواعها ومهارات متنوعه تعينهم على السير في طريق تنمية هذه الجزيرة، إنها مدينة شباب 2030، هي مدينة صغيرة تقع وسط مملكتنا الحبيبة، يعيش فيها شبابنا طوال فترة إجازتهم الصيفية، فينخرطون في دورات تدريبية وورش عمل متنوعة، ويشاركون في تقديم برامج مختلفة، فتنصقل شخصياتهم ليكونوا رجالاً ونساء قادرين على المشاركة بفاعلية في عملية التنمية، حتى باتت هذه المدينة مصنعاً للقادة.

مضى على تأسيس هذه المدينة ضرباً من الزمان دام أربعة عشر عاماً، فخرجت أجيالاً، وباتت هذه المدينة بيتاً من بيوت الخبرة، تنقل خبراتها في بناء الشباب لمختلف الدول، لقد انطلق مشروع مدينة شباب 2030 بمبادرة من سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب في عام 2010 بهدف اكتشاف المواهب الشبابية وتمكين الشباب من أسباب التميز وجعل الشباب البحريني الخيار الأول في سوق العمل، وكانت تقام هذه المدينة سنوياً في كل صيف، وتطور الأمر حتى اكتسبت هذه المدينة ركيزة من ركائز الاستدامة، حيث أصدرت سعادة وزير شؤون الشباب روان بنت نجيب توفيقي قراراً بتسجيل «مدينة الشباب» كهيئة شبابية مستقلة في سجلّ الهيئات الشبابية الخاضعة لوزارة شؤون الشباب.

وذلك وفقاً لقرار وزاري نشر في الجريدة الرسمية، العدد 12784الصادر في يوم الاثنين 8 أبريل 2024 الموافق 29 رمضان 1445، وقد شارك في تأسيس الهيئة الجديدة 12 شاباً وشابة، وتهدف الهيئة وفق ما جاء في نظامها الأساسي إلى إيجاد صفوف قيادية جديدة من الشباب واكتشاف وإبراز المواهب الشبابية، وتنفيذ فعاليات وأنشطة تضم أكبر قدر ممكن من الشباب، كما تهدف إلى تمكين خريجي مشروع مدينة الشباب لإدارة المشروع مستقبلاً وتمكين الشباب من المشاركة في الفعاليات ذات المسؤولية المجتمعية، وبناء شبكة تواصل فعّال بين جميع الخريجين والمشاركين في المدينة.

إن قرار إنشاء الهيئة وضع لبنة أساسية في مدينة شباب 2030، لتحقيق مقومات الاستدامة بها، وكلنا يقين باستمرارية عطاء هذه الهيئة وتطويرها، فنتمنى التوفيق لمجلس إدارة هذه الهيئة، في إنجازاته وعطائه، كما نتمنى أن يطرح مجلس إدارة الهيئة برامج بناء الناشئة والشباب طوال العام، ويكون للهيئة مراكز فرعية في الجامعات المحلية الخاصة منها والحكومية، ليستمر العطاء من خلالها، وليستفيد منها الشباب جيلا بعد جيل.

ولنا وقفة أما الاهتمام بخريجي مدينة شباب 2030 الذين تخرجوا على مدى أربعة عشر عاما، فإن الاهتمام بهم يعكس رؤى وتوجهات سديدة منها الاستفادة من الخبرات السابقة ونقلها للأجبال الجديدة، فقد قال الشاعر:
نبني الجديد على القديم منقحا
مجداً يظل على الزمان مشيدا

مد الجسور بين الأجيال لنقل المعرفة والخبرات للحفاظ على الأثر الذي تركته الأجيال المختلفة، فلكم انهارت حضارات بإهمال الحفاظ على تراكم إنجازات الأجيال، كما أن الاهتمام بمتابعة كفاءة الخريجين وتنميتها والاستفادة من قدراتهم وإمكانياتهم للإسهام في عملية التنمية يعزز مبدأ الاستدامة لبرامج تلك المدينة الصغيرة في حجمها الكبيرة في إنجازاتها، وأخيراً أقول: إن صناعة الأمجاد لا تكون إلا بصناعة الرجال..

ودمتم سالمين.