روى أمير المؤمنين الحاكم العادل القوي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسولنا الكريم قوله: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين»، وكذلك قال رسولنا في حديث آخر: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، إلى غير ذلك من أحاديث شريفة تتحدث عن فضل القرآن وتعلمه وتعليمه وحفظه والحفاظ عليه.

تذكرت هذه الأحاديث، وأنا أقرأ خبر لقاء جلالة الملك حفظه الله بالأمس بعدد من حفظة كتاب الله، والشباب والشابات البحرينيين الذين تفوقوا في صون وحفظ القرآن الكريم، وشاركوا في المسابقات المحلية والإقليمية والعالمية، وحققوا الإنجازات والمراكز الأولى فيها، وإشادة الملك بهم وتقديره لإنجازاتهم التي نفخر بها. وأي فخر أكبر من الفخر بمن يحفظ كتاب الله ويعلي شأنه؟! ولمن يصونه ويحافظ عليه، ويشجع أجيالنا على التمسك به والسير على نهج رسولنا والتمثل بالأعراف والتقاليد والأخلاقيات والمبادئ التي يتضمنها كلام الله عز وجل؟!

هذا المشهد الجميل، وسعادة ملكنا العزيز بحفظة كتاب الله أعادني إلى تسع سنوات سابقة، وتحديداً حينما أصدر جلالة الملك مرسوماً بإنشاء معهد القراءات وإعداد معلمي القرآن الكريم، وهي خطوة أكدت على حرص واهتمام مملكة البحرين ممثلة بجلالة الملك شخصياً بتدريس علوم القرآن الكريم وتهيئة البيئة المناسبة للدارسين وحفظ كتاب الله في الصدور.

لجلالة الملك حفظه الله نقول، جزاك الله خير الجزاء عن هذا المشروع الطيب، فالبحرين التي دخلت الإسلام طوعاً، وعلى الفور منذ سلم العلاء بن الحضرمي للمنذر بن ساوى التميمي كتاب رسولنا الكريم صلوات الله عليه يدعوه فيها وأهل البحرين إلى الإسلام، كانت ومازالت وستظل إحدى الدول التي تعتز بإسلامها وعروبتها، دولة يتمسك حكامها بدينهم، ويحرصون على كتاب ربهم، وملكنا نحسبه بأفعاله وأقواله من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، واليوم نرى نتائج اهتمامه وصونه لكتاب الله.

في سيرة ملكنا نجد أنه منذ صغره كان محباً للغة العربية ودارساً للقرآن الكريم ومهتماً بأصول الدين، بالإضافة إلى اهتماماته الأخرى في مجالات الشعر والأدب والرياضة، واليوم بعدما هيأ الظروف والمؤسسات لتحافظ على الجيل الشاب، وتزرع فيه حب الدين ودراسة القرآن وحفظه ودعمه الكبير للتنافس الشريف في المسابقات القرآنية، نجد التقدير الرفيع منه لكل أبنائه وبناته المتميزين في هذا الجانب.

جلالة الملك دائماً يؤكد أننا هذا الزمن لا بد من الحفاظ على ثوابتنا وديننا وأخلاقياتنا وألا ننسلخ منها، والبحرين دولة إسلامية والقرآن الكريم مصدر من مصادر التشريع، وحفظ كتاب الله مسؤولية جسيمة، وعليه كان إنشاء المعهد خطوة مميزة ورائدة تسجل في سجل الإنجازات الحافلة لجلالة الملك، ويأتي هذا التميز من أبناء البحرين في هذا الجانب تعزيزاً لهذه الرؤية.

ملكنا العزيز بوسلمان، نسأل الله أن يضع هذه الجهود في ميزان حسناتك، وأن ينفع بها أهل البحرين، ويعز بالإسلام والقرآن بلادنا وأهلها الطيبين، لك الحسنات بإذن الله في ميزانك، فليس هناك أعلى مقاماً ممن صان كتاب الله، وسهل للناس الدروب لحفظه وتدريسه والاقتداء به.