قال عضو مجلس إدارة جمعية خدمة القرآن الكريم، والمختص في الأنشطة والبرامج القرآنية الشيخ خالد جاسم المالود إن "القرآن الكريم أكد منذ بدايته الأولى على أهمية تفعيل حواس الإنسان وإعمال عقله وقلبه وقدراته لما فيه خير له وللإنسانية، فكانت "اقرأ" أول كلمة ربانية تربوية دعت للارتقاء بالإنسان إلى مقامات العلا وانتشاله من براثن الجهل والضلال على الرغم من أمية من نزلت عليه هذه الآية صلوات ربي وسلامه عليه"، مشددا على ضرورة "ابتكار انشطة وبرامج لترسيخ المفاهيم القرآنية"، مؤكدا أن "الإبداع في ترجمة معاني القرآن لأنشطة وبرامج عملية يعمل على ترسخ المعلومة لدى النشء والأبناء".



وأضاف الشيخ المالود أنه "لو نظر القارئ بتمعن للمعنى الحقيقي لهذه الكلمة لاستشف منها الدعوة القرآنية للتعلم واكتساب المعارف والمهارات اللازمة للارتقاء بكافة الجوانب البشرية الدينية منها والدنيوية كالجانب الثقافي والفكري المبني على القراءة والاطلاع والذي بدوره ينعكس على طريقة تفكير الإنسان المسلم وتقويم سلوكه وارتقاء تعامله وتهذيب نفسه".

وأوضح الشيخ المالود أنه "على سبيل المثال نستذكر أنه في خضم تلك العصور الغابرة والصحاري القاحلة والجبال المكفهرة والمعارك الدامية، كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغل الفرص بين الحين والآخر للقيام بأعمال وأنشطة ترسخ مفهوم القراءة في حياة المسلمين لينهضوا بأمتهم ويتقدموا على غيرهم فكان من تلك الأنشطة والأعمال التي بادر النبي صلى الله عليه وسلم بفعلها، الاجتماع بدار الأرقم بن أبي الأرقم لقراءة القرآن والاستماع الى ما ينزل من الوحي وتلاوة كتاب الله وحفظه، وحين وجد قلة معلمي القراءة بين اتباعه، بادر بافتداء الأسرى من الكفار، ممن يجيد القراءة والكتابة، بتعليمها لصبيان المسلمين وهذا يدل على حكمته صلى الله عليه وسلم في استغلال الفرص والإمكانيات المتاحة لما فيه خير وصلاح الناس".

وتابع عضو مجلس إدارة جمعية القرآن الكريم قائلا "كما أنه صلى الله عليه وسلم كان يقدم الصحابة الذين يجيدون القراءة والكتابة على غيرهم، فقد قدم الصحابي الجليل زيد بن ثابت حيث كان مرافقا له صلى الله عليه وسلم وكاتبا للوحي والرسائل ومترجما على الرغم من صغر سنه، فقد كان حينها ذو ثلاثة عشرة عاما، بل وحتى في دفن الموتى كان النبي صلى الله عليه وسلم يقدم الأكثر أخذا للقرآن، فقد جاء من حديث جابر رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول: أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد. "صحيح البخاري"".



وأشار الشيخ المالود إلى أنه "قد كثر توجيه النبي صلى الله عليه وسلم للناس بالقراءة من القرآن الكريم الذي هو خير كتاب على وجه الأرض، وقد اشتمل على كافة التوجيهات والعلوم والمعارف الضرورية للإنسان في دينه ودنياه، فقد رغب في ذلك وبين ما يترتب عليه من الأجر في الاخرة، فقال صلى الله عليه وسلم "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه"، وقال صلى الله عليه وسلم "من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول "الم"، حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"، وقال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، "صحيح البخاري".

ومن هذا المنطلق يرى الشيخ المالود أنه "ينبغي أن نتعامل مع كل سورة من القرآن بل مع كل آية من كتاب الله، متمثلين قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت "كان قرآنا يمشي على الأرض"".

وخلص الشيخ المالود إلى أنه "ينبغي على المعنيين بتعليم القرآن الكريم وتدريس علومه أن يرسخوا مفاهيم الكتاب العزيز في نفوس الأبناء والدارسين من خلال التطبيق العملي والأنشطة المتنوعة والبرامج الشيقة التي تحبب الطالب في الاستزادة من القرآن وعلومه، كما ينبغي على معلمي القرآن أن يكونوا قدوة عملية وأسوة حسنة لمن هم تحت أيديهم فطيب الثمر من طيب أصل الشجر، فلنغرس القرآن في قلوب وعقول أبنائنا عملا لا قولا فقط، وعلينا بالاجتهاد في تنوع طرق التدريس المؤثرة وابتكار طرق لتعليم الآيات بسهولة ويسر والإبداع في ترجمة معاني القرآن لأنشطة وبرامج عملية ترسخ المعلومة وتزيد من قوة استقرارها في القلب و العقل، وتفتح بابا عظيما من التنافس في الخير حتى نخلص إلى تأثير شامل في النفس والعقل والجسد".