ربما لاحظ الجميع أن مستوى الازدحام في البلد وصل إلى مستوى أصبح مزعجاً للجميع، لأهل البلد والزوار والسلطة التنفيذية أيضاً، فبالنسبة للناس هي أوقات ضائعة في الازدحام زد عليه خسائر مادية وصحية، وبالنسبة للحكومة أعباء إضافية تتطلب منها المزيد من الخدمات والملاحظة والمزيد من المصروفات.

تنفذ الحكومة متمثلة في وزارة الأشغال -مشكورة- عدة مشاريع مهمة في الفترة الأخيرة منها توسعة الشوارع الرئيسة وإعادة تصميم وتوجيه بعض الشوارع خاصة الرئيسة حتى تكون أكثر انسيابية وتنظيماً، وهو ما يسمى مواكبة النمو الحاصل في البلد. إذاً هو عمل متوازٍ لعدة جهات لتحقيق التوازن المطلوب في نسبة الزيادة والطلب، وتعتبر وزارة الأشغال أحد الأذرع الرئيسة في البلد والتي تحاول تحقيق هذا التوازن.

كما أن هناك عدة أطراف وجهات في البلد لها وظائف مهمة وأساسية للمساهمة في تحقيق التوازن المطلوب بين النمو المضطرب والعمل والخدمات التي تقدمها في سبيل ذلك.

ورغم حجم العمل وحجم الميزانيات الضخمة التي ترصدها الدولة في سبيل تطوير البنية التحتية وشبكة الطرق طوال السنوات الماضية وحتى وقتنا الراهن، لا نزال نرى الفجوة بين خطي «النمو» و«العمل» تتوسع، فمستوى الازدحام يزيد بشكل ملحوظ ومتزايد كل عام، عدد الشوارع التي كانت معروفة بالازدحام زاد، فترات وأيام التي كانت تعرف بالازدحام زادت، اليوم ليس هناك شارع غير مزدحم وليس هناك يوم لا تجد فيها ازدحاماً ولا وقتاً معيناً للذروة كما كنا نعرف سابقاً، فهل نحن في أزمة الازدحام ؟

إذاً أين الخلل؟ هل الخلل في نوع الأفكار والمشاريع تنفذ؟ أم أن «الأشغال» تركت وحدها لتحل هذه الأزمة !!

في عدة بلدان حولنا ممن كانوا يعتبرون البحرين مثلاً للتطور ونموذجاً للتخطيط أصبحت الفكرة العامة لديهم لحل مشاكل الازدحامات تكمن في «الانسيابية»، أي أن لا يكون هناك عائق لحركة المرور، بقدر المستطاع يتم الاستغناء عن الإشارات الضوئية والتقاطعات والاعتماد على شبكة متواصلة تحقق التدفق السلس لحركة المرور، عكس تماماً ما نشاهده في مشاريعنا، الشارع الذي كان فيه إشارة ضوئية واحدة أصبح فيه أكثر من إشارتين أو ثلاث. كثرة الإشارات الضوئية لا تعني التنظيم بل التعطيل.

لا أدري هل هناك «لجنة» مكونة من عدة جهات مثل الأشغال والمرور والبلديات مهمتها دراسة أسباب الازدحامات في شوارعنا خاصة الرئيسة؟ كم أتمنى أن تكون هناك فعلاً جهة تتابع وتلاحظ وتضع الحلول، فملاحظة أسباب الازدحام مثلاً في «الهاي واي» معروفة وبسيطة ولا تحتاج إلى ميزانيات حتى فقط ملاحظة المخارج وإعادة تنظيمها، فعشوائية بعض السواق وهمجيتهم أثناء الخروج للشارع العام سبب رئيس لتعطيل عدة مسارات وخلق فوضى في الشارع، وهنا أتمنى أن يكون دور إدارة المرور أكثر فعالية وحزماً في ضبط المركبات المخالفة والمتسببة في الفوضى.