عنونتُ مقالتي هذه وأنا أتابع تداعيات قرار شركة مطاحن البحرين برفع أسعار الطحين ومنتجاتها بنسب تصل في بعضها إلى 100%، وهو ما كان موضوع الاجتماع الذي عقد الاثنين الماضي بين السلطة التشريعية والحكومة.
ما خرج به الاجتماع هو وعد حكومي بدراسة الاقتراح النيابي بتأجيل تنفيذ قرار رفع الأسعار لمدة ثلاثة أشهر، إلى جانب تفاصيل أخرى قد يكون أهمها أن المواطن لن يتأثر من أي تغييرات في الأسعار فيما يتعلق بسعر الخبز أو الرغيف اليومي، وأن هذا الرفع ضروري بسبب ارتفاع أسعار القمح العالمية.
من تفاصيل الاجتماع، استنتجت، ومعي كثير من القراء والمواطنين عدة أمور؛ أولها أن هناك موافقة نيابية على رفع أسعار منتجات الشركة، ولكن على أن يتم الرفع بعد ثلاثة أشهر. أما الاستنتاج الثاني أن التأثير سيكون على جميع المنتجات التي يدخل فيها الدقيق باستثناء رغيف الخبر اليومي.
سأتوقف الآن عند الاستنتاج الثالث؛ والذي برر رفع أسعار الشركة بارتفاع أسعار القمح عالمياً، ولا أدري من أين تم الحصول على هذه المعلومة.
ولأنني لست محللة اقتصادية أو متخصصة بتقلبات الأسعار الدولية فقد استعنت بأكثر من مصدر، قد يكون بعضها غير دقيق، للوصول إلى ما يلي؛ تشير التقارير الدولية إلى أن الارتفاع في أسعار القمح بدأ فعلياً مطلع عام 2020 بسبب جائحة كورونا العالمية، والتي أدت إلى إغلاقات وتقييد حركة الملاحة العالمية، إلا أن هذا الارتفاع لم يكن بالحجم الكبير أو الأثر، حيث ارتفع من حوالي 5 دولارات للبوشل إلى حوالي 7.5 دولارات.
أما الارتفاع الأكبر فكان مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير عام 2022، حيث ارتفع سعر البوشل إلى حوالي 13.5 دولار، ولكن هذا الارتفاع لم يدم طويلاً، حيث عادت الأسعار إلى معدل الـ 6 دولارات.
وفي ساعة كتابة هذه المقالة قبل يومين، بلغ سعر القمح في البورصات العالمية 5.5 دولار للبوشل، وهو السعر الطبيعي لما قبل جائحة كورونا، فلماذا تصر شركة مطاحن البحرين على محاولة إقناعنا وإقناع السلطة التشريعية أن هناك ارتفاعاً كبيراً بأسعار القمح، حيث كانت من الأولى أن يتم رفع الأسعار استناداً إلى ارتفاعها عالمياً في بداية عام 2022، أما أن ترفع اليوم، وقد عادت الأسعار لوضعها السابق، فهو أمر غير مفهوم.
التأثير المباشر وغير المباشر على المواطن من رفع الأسعار لن يكون في الخبر فقط، بل سيشمل كل منتجات المخابز وكذلك المطاعم، إلى جانب اللحوم والدجاج والحليب والألبان... ووووووو.
وأخيراً.. الأمن الغذائي ليس شعاراً نرفعه متى نشاء وأينما نشاء؛ بل هو استراتيجية وطنية لها قواعدها، بسبب تأثيرها المباشر على الأمن الوطني والاجتماعي.