هذا سؤال وجهته لعدد من المتدربين ضمن دورة إدارية قدمتها ذات يوم، وطبعاً أخذ الجميع يرمقني بنظرة استغراب، إذ كيف أطرح مثل هذا التساؤل؟!
نعم، لماذا نقول: أستغفر الله العظيم؟!
كان هدفي دفعهم للتفكير في قول يتردد على ألسنتهم بشكل دائم، ولربما بشكل عفوي، والتفكير في السبب الذي يدفعهم لقوله؛ إذ كل تصرف يبدر منا كبشر «يفترض» أن له بواعث ومنطلقات، بالتالي نعم، لماذا نستغفر؟! لأننا ببساطة نرتكب الأخطاء ونقع في الزلل، وعليه نطلب من الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا.
الشاهد في القول، أن طلب المغفرة من رب العالمين ليس أمراً يحرجك أو يجعلك تنتقص من نفسك، بل على العكس تماماً، الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه الكريم صلوات الله عليه يقول إنه يفرح بتوبة العبد، وأن الغفران يمنح لمن يطلبه بنية صادقة.
وبنفس المنطق فإن ارتكاب الأخطاء بأي نوع كانت، سواء أكانت بحق نفسك أو حق البشر، سواء في محيطك الاجتماعي أو حتى عملك لا يعني هنا أن «تأخذك العزة» بهذا الخطأ، أو أن تكابر فيه، وأن تبرر له، لأن المضي في الخطأ هو خطأ أكبر من ارتكابه، وهنا تذكروا أن الله يحب المستغفرين ويحب الأوابين التوابين.
أقرن ما أقوله بتعاليم الدين وأخلاقياتنا كمسلمين؛ لأننا اليوم بتنا ننصدم فيمن يرتكب الأخطاء ويكابر فيها، وعليه تتولد لدينا تداعيات خطيرة، منها ظلم البشر أو الإيغال في طريق الضلال، في حين أنك تنشد الإصلاح ويفترض أنك تسعى لتكون إنساناً سوياً.
لذلك أقول دائماً لمن لديه قوة اتخاذ قرار في أي موقع إداري، أو هو صاحب مكانة في وسطه الاجتماعي، إن القوة ليست في ارتكاب الأخطاء والإصرار عليها، القوة ليست في إثبات أنك الصح والآخرين على الخطأ حتى لو تبين لك خطؤك بشكل واضح، بل القوة في الاستغفار أولاً بينك وبين ربك على هذا الخطأ، ثم الاستغفار من الناس الذين أخطأت بحقهم، ولا تتوقف العملية هنا، بل تمتد لتصحيح الخطأ وإبداله بالصواب وبما يثبت أنك بالفعل استغفرت بنية صادقة.
سألني المتدربون: كيف نستغفر في مواقع العمل؟! والإجابة بسيطة جداً جداً. أولاً تراجع عن أي خطأ وتصرف منبوذ وقعت فيه. ثانياً عوض الناس المتضررين بحسن التعامل، ولو كان المتضرر مكان العمل أو الوسط الاجتماعي فلا بد من عملية إصلاحية لتجبر هذا الضرر. وأخيراً وهي النقطة الأهم أن تعاهد نفسك ألا تقع في الخطأ مرة أخرى.
حينما نقول: أستغفر الله العظيم، فإننا ندرك أن ما فعلناه خطأ يستوجب المغفرة ممن خلقنا. هذا المفترض، وعليه حينما نصحح الأخطاء بعدها فإننا نسعى لإثبات أن الاستغفار هنا حقيقي ومؤمنون به.
هذه معادلة راسخة، طبقوها على حياتكم وفي مواقع أعمالكم وفي علاقتكم بخالقكم أولاً ومع الناس ثانياً، وصدقوني مع راحة النفس التي ستتحقق ستجدون أن سلوكاتكم ستتغير، وسيكون حرصكم بشأن معادلة الصواب والخطأ أكبر.
وفي النهاية كلنا يفترض أن نتعلم من أخطائنا، وكبير من يعترف بالخطأ وينهيه ويبدله بالصواب.