حتى اللحظة إيران لم تتحرك لإنقاذ حزب الله، واضح أم غير واضح؟ رغم أن هذا الوضوح كان سيد الموقف منذ الهجوم على سفارتها ومنذ اغتيال رئيسي بالبيجر ورغم اغتيال هنية على أراضيها، كل ذلك الاستفزاز وإيران ترفض الردّ.

إنما الحرب على حزب الله أمر آخر، حزب الله جوهرة التاج الإيراني، ذراع الحرس الثوري الإيراني المدلّل، الأكثر ارتباطاً علنياً به وبقائده الخامنئي والمُجاهر بتبعيته له، فهو ضامن أن إيران ستكون في ظهره حتماً إن احتاج إلى ظهير-أو هكذا هو المفروض- أو هكذا كان يظنّ حزب الله قيادة وكوادر ومريدين وتابعين للوليّ الفقيه الإيراني في كل أنحاء الوطن العربي بمن فيهم من هم موجودون عندنا في البحرين من أتباعه، جميعهم كانوا يظنون أن لهم قيمة مختلفة عند الوليّ الفقيه، خاصة وأنهم قدّموا له الكثير من القرابين من شبابهم الذين سُجن الكثير منهم وقُتل العديد منهم في شتى بقاع الأرض العربية، خاصة وأنهم اصطدموا مع دولهم وأنظمة دولهم وحكومات دولهم، وتعاملوا مع أنظمة دولهم على أنهم طواغيت وأن خامنئي وليّهم الفقيه يحبّهم ويعطف عليهم ويبكي حين رؤيتهم فرحاً بهم وخطبه كلّها يؤكد فيها على أبوّته لهم، واصطدموا حتى مع أشقائهم في الوطن وجعلوهم خصومهم وجنّدوا أنفسهم للدفاع عن وليّهم وردّ الاتهامات عنه، وخسروا وطنيتهم وشقّوا صفوف مجتمعاتهم بل حتى شقّوا طوائفهم من الداخل انتصاراً لفقيههم، حزب الله بفروعه العربية قدّم الكثير من التضحيات من أجل مصلحة الجمهوية الإسلامية الإيرانية ظنّاً منه أنه يقدّمها خدمةً لدينه ومذهبه وآل البيت عليهم السلام، فالتوقعات كانت عالية جداً جداً، والإيمان بالسند والظهر كان كبيراً إن هم تعرّضوا لأي خطر فسيجدون فقيههم وحرسه الثوري في ظهرهم مسنوداً بقوة الإيمان المرجعي.

حزب الله وتوابع الوليّ الفقيه في كلّ الأرجاء العربية، وخاصة في لبنان، مصدوم مفجوع مذهول حزين مكتئب مروّع، أهل الجنوب من حزب الله نزل عليهم حزن الله، غير مصدّقين الخذلان الذي يتعرّضون له، هل يُعقل أن إيران مازالت تقيّدهم وتمنعهم من الردّ خارج ضوابط الاشتباك؟

والسبب أنها لا تريد أن تتورط معهم الآن فالجمهورية الإسلامية الإيرانية بصدد تجديد جولات التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية على الملف النووي، تلك هي أولويات فقيههم الآن.

لسان حالهم يقول: طيّب وقتلانا؟ ونازحونا؟ ومهجرونا؟ وموتانا؟ وكرامتنا؟ وأسلحتنا؟ وسمعتنا؟ ومكانتنا بين اللبنانيين؟ وقيمتنا؟ وقدرنا؟ أين موقعهم عند فقيهنا؟

لسان نواب الفقيه وقيادات الحرس الثوري: عليكم الانتظار «ثم يتابعون» وماذا إذا مات بضعة آلاف لبناني، فقبلهم مات عشرات الآلاف من الفلسطينيين، تريدون أن تحظوا برعاية الولي الفقيه وبركاته مجاناً؟ انتظروا ليس الوقت مناسباً لمصلحة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإلا ماذا يعني أن تهتفوا لبيك يا فقيه عبثاً؟

الحزب: لكن الصهاينة اصطادوا قياداتنا كالعصافير، لديهم معلومات دقيقة جداً جداً، استهدفوا مخازننا في سوريا ولبنان، لديهم إحداثيات دقيقة جداً جداً، كيف وأين حصلوا على هذه المعلومات؟

: هل تتهمون الوليّ الفقيه؟ هذا عيب.

: لا أستغفر الله ولكنه شيء يحيّر العقل وكنّا نظنّ أن أسلحتنا التي خزنّاها ليوم القدس ستنطلق مع أسلحتكم في ذات الوقت، فأنتم من قدّم لنا السلاح، أنتم من قال لنا إننا جبهة واحدة وإنكم قيادتنا المركزية، أنتم من قال لنا يوم القدس وفيلق القدس وسرنا خلف وعودكم لتحرير القدس وتبعنا خطبكم وتحفيزكم وثقتنا بكم عمياء، وكانت بلا حدود في أننا سنجدكم معنا حين نتعرّض للخطر.

: نعم نعم، نحن معكم إنما التوقيت غير مناسب لنا، فلا تتهوّروا الآن اصبروا وصابروا حتى ننتهي من تفاوضاتنا وتُرفع عنا العقوبات وستجدوننا نساندكم.

: طيّب صاروخ؟ مسيّرة؟ تفجيرات من الداخل أليس لكم عملاء؟

: أطلقنا عليهم رشقة أم نسيتم؟

: رشقة أعلمتموهم وقتها ومكانها؟ وكأنها لم تكن.. هل هذا ردّ يتناسب مع وعودكم؟

: مصلحة الجمهورية الإسلامية من مصلحتكم، أم تريدون أن تخالفوا وليّكم الفقيه؟ هل ستكفرون؟

: ها؟ لا.. إنما..

: انتهى النقاش.. انتظروا التعليمات الجديدة.