رجاء العجمي: سلوك منحرف يعكس اختلالات لدى المبتز

أكدت أخصائية العلاج النفسي بمركز حماية الطفل رجاء العجمي أن الابتزاز الإلكتروني هو سلوك منحرف وغير مقبول أخلاقياً واجتماعياً وقانونياً و هذا الانحراف في المحتوى الافتراضي ما هو إلا ترجمة وانعكاس للأسلوب السلوكي الواقعي للشخص المُبتز نفسه وأسلوب حياة له قام بتوظيفه عبر الفضاء الإلكتروني مستغلاً به أشخاصاً معينة ومن بينهم الأطفال لتحقيق مآرب في نفسه، موضحة أن آثار الابتزاز الإلكتروني النفسية على الأطفال تصل حد الاحتراق العصبي والانتحار.

وقالت العجمي إن دوافع المبتزين تختلف من شخص لآخر فقد يكون بعضهم يعاني من مشكلات أو اضطرابات نفسية ويستشفي من خلال ذلك عبر كشف خصوصيات الناس أو يسعى لتحقيق أهداف مالية، بينما البعض الآخر يكون دافعه سلوكيات منحرفة مثل استدراج الأطفال والتحرش بهم .

وأضافت أن هذا الدافع الأخير هو ما يستخدمه المُبتز عادة على الأطفال الضحية الذين يقعون تحت وطأة الابتزاز الإلكتروني ما يجعل الطفل في كومة من المشاعر السلبية التي تؤدي بعد ذلك لسلوكيات غير مقبولة أو أمراض نفسية واجتماعية يعيشها الطفل.

ويمكن أن يتخذ الابتزاز الإلكتروني للأطفال أشكالاً متعددة حيث يتم استدراجهم عبر المواقع الإلكترونية باستخدام أساليب متنوعة، ومن أبرز هذه الأساليب كسب ثقة الطفل من خلال تكوين علاقة شخصية ودية معه، وغالباً ما يكون ذلك عبر الألعاب الإلكترونية حيث يستغل المعتدي براءة الأطفال وشغفهم باللعب أو إحراز أدوار متقدمة، ويقدم تسهيلات إلى الأطفال مثل دفع مبالغ مالية أو تقديم ما يسمى بشراء الأدوار وتجميع النقاط.

هذا يمكنه من إقناع الطفل بتلبية طلبات المبتز مثل إرسال صور خاصة له أو لعائلته أو حسابات بنكية لذويه أو أي معلومات شخصية أخرى. بذلك يحاصر الطفل معلوماتياً ويجعله تحت تهديد مستمر بتلبية المزيد من الطلبات، مع التهديد بفضحه ونشر معلوماته في حال رفضه.

واستعرضت العجمي بعض الآثار النفسية والاجتماعية التي تظهر على الأطفال بسبب الابتزاز الإلكتروني، ومن بينها :
- انعدام الأمن النفسي والاجتماعي لدى الطفل: ويظهر على أشكال سلوكية مثل الانطواء والانعزال عن المحيطين والخوف غير المبرر والمبالغة في الشعور السلبي والانسحاب الاجتماعي والتردد في أبسط المواقف.

- فقدان الثقة في النفس وفي المحيطين: حيث يؤدي الابتزاز الإلكتروني إلى جلد الذات بالقلق والتوتر الدائم ويجعله في حالة شك وعدم اطمئنان للمحيط الاجتماعي له.

- يمكن أن يتسبب الابتزاز الإلكتروني في إصابة الطفل بالاكتئاب: والذي قد يتطور إلى اكتئاب حاد نتيجة للحالة المزاجية والشعورية السلبية التي يمر بها، هذا يؤثر على قدرة الطفل على التعايش الطبيعي ويؤدي إلى مشاكل في النوم والتركيز مما قد يستدعي إلى تدخل علاج دوائي .

-الاحتراق النفسي أو العصبي: نتيجة الجهد العصبي والنفسي للطفل الضحية في التفكير والضغط النفسي الذي يتعرض له وعدم إفصاحه للمقربين منه وتحمل الكتمان لوقت طويل.

-محاولة الانتحار: بعد ما يصاب الطفل بالاكتئاب أو يتعرض للضغط النفسي الكبير من تهديد وخوف من افتضاح الأمر أو الخوف من الأسرة والمجتمع يلجأ البعض منهم لإيذاء النفس ومحاولة الانتحار.

-الصمت الاختياري: أو ما يسمى في علم النفس بالخرس الانتقائي، هو حالة يتعرض لها بعض الأطفال خصوصاً الذين تتراوح أعمارهم بين 7-10 سنوات، نتيجة الصدمة النفسية والخوف الشديد من ردود فعل الأشخاص المحيطين بهم أو من المعتدي أو المُبتز نفسه. في هذه الحالة يلجأ الطفل إلى الصمت ورفض الكلام والتفاعل اللغوي الإيجابي.

- اضطراب ما بعد الصدمة: وخصوصاً إذا تعرض الطفل لابتزاز جنسي مما يسبب له اضطرابات متعددة ومعقدة مثل اضطراب النوم واضطراب لغوي واضطراب القلق المرتبط بالشعور بالذنب وتأنيب الضمير.

- ومن الآثار الاجتماعية المحتملة التفكك الأسري: نتيجة للمشاكل التي قد تنجم عن تحميل كل طرف المسؤولية التربوية للآخر، بالإضافة إلى الحالة التي وصل إليها الطفل يمكن أن يؤدي إلى تدمير العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة.

- للابتزاز الإلكتروني مخاطر كبيرة: حيث قد يؤدي إلى زيادة الجرائم بسبب حرص المعتدي على إبقاء الأمر سراً خوفاً من افتضاحه، وهذا قد يدفع الضحية إلى ارتكاب سلوكبات خاطئة ومتكررة استجابة لأوامر المبتز.

وقالت العجمي إنه لمعالجة هذه الآثار يجب تقديم العلاج النفسي للطفل بأنواعه سواء كان فردياً أو جماعياً، إضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للطفل لمساعدته في تخطي الأزمة النفسية التي يمر بها، كما يجب توعية الطفل حول كيفية استخدام الإنترنت والأجهزة الإلكترونية بشكل آمن لضمان سلامته الجسدية والنفسية .