إرم نيوز + صحيفة الغارديان البريطانية


عندما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي في 9 أكتوبر الماضي، الحصار الكامل على غزة وقطع الكهرباء وعدم السماح بإدخال والغذاء والماء والوقود، ووصف سكان غزة بأنهم "حيوانات بشرية"، لم يصدر أي اعتراض على ذلك من العواصم الغربية، وفق ما ذكرت صحيفة " الغارديان" البريطانية.

ولفتت الصحيفة في تقرير إلى "وجود دعم كبير على المستوى العالمي لحق الفلسطينيين في تقرير المصير، وإدانة واسعة للهجوم الإسرائيلي على غزة، فحاليا هناك 139 دولة من أصل 192 من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تعترف بفلسطين خلافا لرغبات إسرائيل وأمريكا، معظمها من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وبعض الدول الأوروبية مثل السويد، بينما قررت المكسيك التخلي عن عقود من الولاء لأمريكا، واعترفت بفلسطين في حزيران الماضي.

وأضافت أن "هذه الاعترافات قد يكون لها أثر مادي محدود على الفلسطينيين، إلا أنها تشير إلى انقسام أوسع في الرأي العام العالمي، ففي ما يتعلق بالقضايا السياسية والاقتصادية الدولية، توجد فجوة بين القوى الاستعمارية السابقة وبقية دول العالم، إذ يشبه الانقسام العالمي بشأن القضية الفلسطينية إلى حد كبير، الانقسام القديم بين مجموعة الـ 77 (تحالف دولي حكومي، يعدّ الأكبر من نوعه داخل منظومة الأمم المتحدة، تأسس في 1964 بهدف الدفاع عن مصالح البلدان النامية وترقية الاقتصاد، وتنسيق القضايا المشتركة التي تخص دول الجنوب)، ومجموعة الـ7 أو "تجمع الكبار" الذي يضم الاقتصادات السبعة الأكثر تقدما في العالم، "الولايات المتحدة وكندا واليابان وأربع دول أوروبية".


وأردفت أنه "بينما تدعم مجموعة الـ 77 بأغلبية ساحقة حق الفلسطينيين في تقرير المصير، لا تفعل ذلك أي من دول مجموعة الـ 7. كما أن 6 من أصل 9 من كبار الشركاء التجاريين لإسرائيل في العالم هم من مجموعة الـ 7. وأكبر ثلاثة مستوردين للسلاح الإسرائيلي هم من دول المجموعة نفسها، مجموعة الـ7 تعارض أيضا أي دعوات لوقف إطلاق النار في غزة، باستثناء فرنسا الدولة الوحيدة من المجموعة التي صوتت لصالح قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 أكتوبر الماضي، يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة".

من جهته، قال المدير التنفيذي لمؤسسة أوكسفام الدولية أميتاب بيهار، للصحيفة إن "دول مجموعة السبع الغنية تحب أن تصور نفسها على أنها المنقذ، لكن ارتباط إسرائيل الوثيق بدول المجموعة، يغذي فكرة ارتباط الدولة اليهودية بنمط جديد من الاستعمار الغربي في العالم العربي".

وفي أنحاء كثيرة من"الجنوب العالمي"، تعود المعارضة القوية لإسرائيل، إلى تاريخها الطويل في التعاون مع الدول القمعية في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا. ففي أمريكا اللاتينية، زودت إسرائيل الحكومات القمعية في غواتيمالا وتشيلي ونيكاراغوا بالأسلحة والذخائر، وفي أفريقيا، قدمت إسرائيل الدعم لحكومات الأقلية البيضاء، رغم العزلة الدولية المتنامية التي كانت تواجهها تلك الأنظمة.

وفي آسيا، وثقت إسرائيل علاقاتها مع الأنظمة الديكتاتورية في الفلبين (نظام ماركوس) وإندونيسيا (نظام سوهارتو)، فضلا عن توسيع تعاونها العسكري مع حكومة مودي القومية الهندوسية في الهند (التي أصبحت أكبر مشتر للأسلحة الإسرائيلية في العالم).

وأنهت الصحيفة تقريرها بالقول، إن "حرب إسرائيل الحالية على غزة أصبحت مثالا آخر على الفجوة الصارخة التي نشأت بين مجموعة الـ7، وبقية العالم، وعلى الأرجح، لن تستفيد إسرائيل من ارتباطها طويل الأمد بالقوى الاستعمارية السابقة، وإذا كانت الأزمة الحالية قربت إسرائيل أكثر من الغرب، إلا أنها زادت من مشاعر النفور لدى غالبية شعوب العالم تجاه النخبة الدولية الصغيرة التي تريد حكم العالم وحدها.