في أعقاب ضربة قاسم سليماني صرح ترامب أنه مستعد للتفاوض الآن، ورفضت إيران!! ثم صرح أمس أنه غير مستعجل على التفاوض! نعذره فهو قليل خبرة بالإيرانيين.

وقبله صرح بومبيو وزير الخارجية الأمريكي بعدم التفاوض مع سبع منظمات معارضة إيرانية والتي لها قواعد على الأرض الإيرانية وأتباع وممكن أن يقودوا الحراك ويكونوا بديلاً عن النظام أو على الأقل أن يضغطوا عليه، مما يدلنا على أن الإدارة الأمريكية ليس في واردها تغيير النظام بل تضغط عليه فقط لقبول شروطها في التفاوض وليجلس وهو مستعد للقبول بها، أيضاً ذلك جهل بالإيرانيين!

الوقت هو إحدى أدوات الإيرانيين والمستعجل دائماً خسران معها، فهي تأخذ مكاسب ولا تعطي مقابلها، ومتى ما خبرت خصمها وعلمت أنه على استعجال ومستعد لتقديم التنازلات فإنها هي من يضغط بتأخير مرحلة التفاوض، وترامب أمامه سنة إلى أن يعاد انتخابه وبحاجة لنصر سريع قبل الانتخابات، فتلك هي فرصتها أن تنتهز استعجاله وتأخذ منه مكتسباً.

النظام الإيراني اشتهر بقدراته التفاوضية وطول نفسه فيها والتي نجح في جولاتها وحصل فيها على مكاسب، ولهذا فإنه مستعد لتحمل هذا الألم الذي يعاني منه الآن ومرارة طعم الضربات التي تلقاها والصبر والتحمل مقابل مكاسب ينتظرها من مرحلة التفاوض، وامتداداته إلى وصوله للبحر المتوسط والبحر الأحمر ما هو إلا أوراق سيتفاوض عليها ولن يخرج من مناطق إلا بعد أن يكون قد ثبت قدمه في بعضها كي تضاف لإمبراطوريته التوسعية مقابل التخلي عن بعض آخر تمدد فيها وهو يعلم أنه سيبيعها ويتخلى عنها، وهذه هي خطته التفاوضية دائماً أن يأخذ أكثر مما هو مسموح ثم يمنح بعضاً مما أخذ لخصمه ليعده انتصاراً، ويبقي على البعض الآخر الذي يخدمه وهكذا خطوة خطوة كل عشر سنوات.

وقد يكون في وارد ترامب منحهم بعض تلك المناطق مقابل اتفاق نووي جديد وتخليها عن بعض ميليشياتها ويعود بهذا الاتفاق من أجل الانتخابات منتصراً، وهذا اسمحوا لي غباء أمريكي لأن بإمكانه أن يكون انتصاراً حقيقياً لو أنه هو من ضغط أكثر وأبقى الخط مفتوحاً للمعارضين في الداخل حتى لو مع الملالي المعارضين لنظرية ولاية الفقيه، وجميعهم تحت الإقامة الجبرية، هذا النظام تضغط عليه وتتأنى ولا تستعجل معه أبداً فالوقت لعبته.

إنما السؤال في حال تسرع ترامب بسبب ضيق الوقت، من سيكون الرابح هنا ومن سيكون الخاسر؟ وأين نحن من هذه التفاوضات؟