يبني البشر منذ زمن طويل هياكل شاهقة، لإظهار قوة بلدانهم، ويبدو أن ناطحات السحاب قد يصبح لها قريبا غرض جديد، أي تخزين الطاقة المتجددة.

وتتمثل إحدى أكبر العقبات التي تعترض شبكة الطاقة التي تهيمن عليها الطاقة النظيفة في انقطاع بعض المصادر المتجددة.


وفي بعض الأحيان، تتدفق السحب عندما تكون هناك حاجة إلى الطاقة الشمسية، أو تتوقف الرياح عن الهبوب، ولا تستطيع التوربينات توليد الطاقة. وفي أوقات أخرى، تنتج الشمس والرياح كهرباء تفوق الحاجة.

ويعد التخزين عملية بالغة الأهمية لتحقيق التوازن بين التوليد والاستهلاك. ومن المرجح أن يكون الجمع بين التقنيات، من أشكال مختلفة من البطاريات إلى أساليب أخرى لتخزين الطاقة، ضروريا لزيادة قدرة التخزين.

وهنا يأتي دور ناطحات السحاب التي تعمل بالبطاريات.

ناطحات سحاب تعمل بالبطاريات

وفي نهاية شهر مايو/أيار الماضي، أعلنت شركة "سكيدموري، أوينغس وميريل" (SOM)، وهي مكتب الهندسة المعمارية الذي يقف وراء بعض أطول المباني في العالم، عن شراكة مع شركة تخزين الطاقة "إنيرجي فولت" لتطوير حلول جديدة لتخزين الطاقة بالجاذبية.

ويتضمن ذلك تصميم ناطحة سحاب تستخدم محركا يعمل بالكهرباء من الشبكة لرفع كتل عملاقة عندما يكون الطلب على الطاقة منخفضا. وسوف تخزّن هذه الكتل الكهرباء كطاقة "محتملة".

وعندما يكون هناك طلب، سوف يتم خفض الكتل، وإطلاق الطاقة، التي سوف تتحول إلى كهرباء.

يظهر هذا التصميم، الذي قدمه ستيفانو بويري أرتشيتي، برجين في دبي سيحتضنان 2،640 شجرة و27،600 شجيرة على الواجهات، بالإضافة إلى نظام من البيوت الزجاجية والحدائق المائية.

وتُعد المباني الشاهقة تخصص شركة "SOM"، إذ صممت مركز التجارة العالمي في نيويورك، وبرج "ويليس" في مدينة شيكاغو، وأطول ناطحة سحاب في العالم، أي برج خليفة في دبي، الذي يزيد ارتفاعه عن 828 مترًا.

وقال بيل بيكر، وهو الشريك الاستشاري لدى شركة "SOM" والمهندس الإنشائي لبرج خليفة، لـ CNN: "هذه فرصة للاستفادة من هذه الخبرة ... واستخدامها لتخزين الطاقة، ما يمكننا من الاستغناء عن الوقود الأحفوري".

وإذا أراد العالم الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050، فسيتعين تعزيز عملية تخزين الطاقة على نطاق الشبكة، أو التقنيات المتصلة بشبكة الكهرباء التي يمكنها تخزين الطاقة واستخدامها عند الحاجة، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة.

ولا تستطيع بطاريات أيون الليثيوم، التي تحظى بشعبية كبيرة في المركبات الكهربائية، حل المشكلة بمفردها. إذ لا يمكنها تخزين الطاقة لفترات طويلة.

وقد يكون ذلك مناسبا لنقل الطاقة من الجزء الأكثر إشراقًا من فترة ما بعد الظهر إلى المساء، عندما يرتفع الطلب، لكن قد يكون هناك حاجة لتخزين الطاقة لفترة أطول من ذلك.

ويمكن لتخزين الطاقة بواسطة الضخ المائي، الذي يستخدم على نطاق واسع بالفعل لتخزين الطاقة المتجددة. ويتضمن القيام بذلك ضخ التوربينات للمياه من خزان على أرض منخفضة إلى آخر على أرض مرتفعة خلال ساعات انخفاض الطلب.

عندما يرتفع الطلب، يتم إطلاق المياه لتتدفق عبر توربين لتوليد الكهرباء. لكن هذا يتطلب تضاريس جبلية ومساحة كبيرة.

ومن المفترض أن يحتوي برج شركتي "SOM" و"إنيرجي فولت"، الذي يمكن أن يتراوح ارتفاعه بين 300 إلى 1000 متر، على هياكل مجوفة تشبه أعمدة المصاعد لتحريك الكتل، ما يترك مساحة للمستأجرين السكنيين والتجاريين.

وفي نهاية المطاف، يمكن تخزين عدة جيجاوات في الساعة من الطاقة، وهو ما يكفي لتزويد عدة مبان بالطاقة، وفقًا لما ذكره روبرت بيكوني، الرئيس التنفيذي لشركة "إنيرجي فولت"، لـ CNN.

وتساءل خبيران في مجال تخزين الطاقة تواصلت معهما CNN عما إذا كانت الجوانب الاقتصادية لبطارية ناطحة سحاب يمكن أن تنجح، بالنظر إلى المساحة التي ستحتاج استخدامها لتخزين الطاقة والتغييرات الهيكلية التي ستكون مطلوبة لدعم الوزن الإضافي.

مع ذلك، تتحلى شركتا "SOM" و"إنيرجي فولت" بالثقة من أن حلولهما قابلة للتطبيق تجاريًا.

وقد أكملت "إنيرجي فولت" بالفعل مشروعًا في الصين تزعم أنه أول نظام تخزين للطاقة المائية الجاذبية غير المضخوخة على نطاق تجاري في العالم.. ويبلغ ارتفاع المبنى 150 مترًا، وتصل سعته التخزينية إلى 100 ميغاواط في الساعة، وهو مصمم خصيصًا لتخزين الطاقة ولا يحتوي على مساحة للمستأجرين.