استوقفني شخص في حوار عابر ليقول لي ما أعظم ملك البحرين إنه ملك الإنسانية الذي يحرص دائماً على نشر دروب السلام ومحاولة تحقيق التعايش السلمي في أرجاء المعمورة.. إن هذه الكلمات جعلتني أشعر بالسعادة وقمة الفخر بأنني بحرينية ووطني البحرين قائدها ملك الإنسانية العظيمة التي عرف عنها في كل أرجاء العالم فهي البصمة التي رسخها ليبث السلام من البحرين إلى العالم أجمع هكذا هو فعلاً مليكنا حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم الذي ما إن طرح مشروعاً أو مبادرة أو أصدر أمراً إلا وكان من ورائه أهداف إنسانية مبنية على قواعد وأسس عظيمة متضمنة الكرامة الإنسانية والحرية الدينية والعدالة والتسامح والتي عمل عليها في مضامين جميع البرامج الحكومية والدولية.

فنحن هنا حينما نتحدث عن التعايش السلمي والأمن والسلام في المجتمع فإننا نتحدث عن جلالة الملك المعظم الذي أكد و عمل بالقول والفعل على ذلك مستمداً هذا الفكر من نظرة القرآن الكريم للإنسان في المجتمع كونه كائناً اجتماعياً مكافحاً يعمل في إطار فردي واجتماعي فيما سخره الله له، يقول الله تعالى: «ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير»، ومن جانب آخر أن الناس يختلفون في الطبائع والمشارب واللغات والألوان والاستعدادات وأن هذا الاختلاف لا يمنع التقارب والتعاون والتكامل، قال الله تعالى في كتابه العزيز: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين»، وإن أصل الناس واحد وهو التراب قال الله تعالى: «يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء..»، حيث إن التفاضل بين الناس يكون على أساس خشية الله والتقوى قال الله تعالى: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير»، هكذا هي الأسس الدينية التي يعمل عليها جلالة الملك المعظم وتكون من الثوابت الراسخة التي يبني عليها رؤيته الكريمة.

إن جلالة الملك المعظم ذو رؤية حكيمة حيث يجمع ما بين الثوابت الدينية الراسخة والقوانين الدولية التي تصب في صالح الإنسان والإنسانية والتي تترجم في كل أعماله وقرارته لتحقيق ما يصبو إليه من أهداف تحقق التعايش السلمي على المستوى العالمي فمن مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي إلى ما صدر من أمر ملكي بإنشاء جائزة الملك حمد للتعايش السلمي لتجسد الأهداف السامية التي يسعى إليها جلالة الملك المعظم والتي لا تقتصر على المستوى المحلي وإنما لتشمل العالمية الدولية ولتؤكد على أن التعايش ضرورة حتمية للأمن والسلام حيث احترام الآخر والاعتراف بالاختلافات بين الأفراد والقبول بالآخر وتقدير التنوع الثقافي وذلك لكسر الحواجز الناجمة عن الاختلاف بين الناس وفتح أفاق للحوار وقبول الآخر لترسيخ فضيلة الاحترام المتبادل استناداً إلى الأصل الإنساني الواحد، وتأكيداً على المنهج الإصلاحي في العلاقات الإنسانية كمقياس للعلاقة الجيدة حيث تجفيف منابع العداء بين الناس وقطع أسباب الاحتراب والتعايش والتعارف والتكامل والتفاهم وإزالة الحواجز النفسية والتعرف على المداخل الحقيقية للوصول إلى الآخر الديني والتفاهم معه.

إن جميع الجهود التي تبذلها الدولة اليوم جاءت من الإيمان الراسخ لجلالة الملك المعظم بالقيمة الحقيقية للتعايش السلمي الذي حقق الأمن والأمان في الدولة والذي كان له الدور الكبير في رفع مكانة مملكة البحرين عالمياً حيث رسخ مبدأ المواطنة الصالحة الذي اعتبر من أهم العوامل التي تساعد على التعايش الاجتماعي السلمي داخل الوطن الواحد حيث وجود المواطن الصالح الذي يراقب الله في جميع علاقاته سواء مع إخوانه من المسلمين أو من غير المسلمين حيث تعدد الثقافات والديانات فيكون الجانب السلوكي الظاهر للمواطنة الصالحة والمتمثل في الممارسات الحية التي تعكس حقوق الفرد وواجباته تجاه مجتمعه ووطنه والتزامه بمبادىء المجتمع وقيمه وأنظمته والمشاركة الفعالة في الأنشطة والأعمال التي تهدف إلى رقي الوطن والمحافظة على مكتسباته وخيراته وهذا بدوره يعود على الأمة بخير عظيم وعطاء جزيل فإن من صدق في محبته لوطنه وقدم تلك المحبة على مصلحته الشخصية عاد ذلك بالإيجاب على أمته، قال الله تعالى في كتابه العزيز: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين»، ومن هذا المنطلق يأتي اليوم لتحقيق نفس الهدف ونفس التوجه والمبدأ ولكن على المستوى الدولي والتي ستكون باكورته جائزة الملك حمد للتعايش السلمي التي بإطلاقها هي دعوة لنشر السلام والتعاون للأمن والأمان على المستوى الدولي والذي ستكون ديمومة انطلاقته من جائزة الملك حمد للتعايش السلمي.

* إعلامية وباحثة أكاديمية