دافع الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وانتقد دعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لكييف في مذكراته الأخيرة.

الحرة

دافع الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وانتقد دعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لكييف في مذكراته الأخيرة.

وبعد أكثر من عقد على مغادرته قصر الإليزيه الرئاسي بعد فترة واحدة في المنصب، قام ساركوزي، مرة أخرى، بإحداث ضجة سياسية في فرنسا والخارج، وفقا لصحيفة "الغارديان".

وتم إصدار المجلد الثاني من مذكراته، Le Temps des Combats، السبت، رغم انتقادات دولية حول تعليقاته المتعلقة بروسيا وأوكرانيا.

وفي مقابلة للترويج للكتاب المكون من 560 صفحة الأسبوع الماضي، دافع ساركوزي عن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ودعا أوكرانيا إلى قبول الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم وغيرها من الأراضي المتنازع عليها.

كما أصر على أنه لا ينبغي السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الناتو أو الاتحاد الأوروبي، وقال إنه يجب أن تظل "محايدة" لتهدئة مخاوف روسيا من أن تكون محاطة بـ "جيران معاديين".

وذهب ساركوزي إلى أبعد من ذلك، واصفا طرفي الصراع الذي أشعله الغزو الروسي لأوكرانيا بـ "المتحاربين" وانتقد دعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لكييف، وفقا للصحيفة.

موجة انتقادات

وأثارت دعوات ساركوزي إلى إبقاء أوكرانيا "محايدة" وإجراء استفتاء يفضي إلى "الاعتراف" بضم شبه جزيرة القرم، موجة انتقادات من جانب سياسيين وخبراء اعتبروا أن مواقفه "مخزية" وروسيا "اشترته"، وفقا لفرانس برس.

وانتقد ساركوزي في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية نشرت، الأربعاء الماضي، كل خيارات السلطات الفرنسية التي أعقبت ولايته، من ملفات الهجرة إلى الاضطرابات في الضواحي ومن الساحل إلى أوكرانيا.

وأظهر الرئيس الفرنسي الأسبق معارضته لسياسات الخارجية الفرنسية من خلال الدفاع عن "حل وسط" مع موسكو، حتى لو حصل ذلك على حساب شبه جزيرة القرم التي رأى بشأنها أن "أي عودة إلى ما كانت عليه الأمور هو وهم".

وسرعان ما انهالت التعليقات على كلام ساركوزي.

وقال النائب البارز عن حزب الخضر، جوليان بايو، لتلفزيون "إل سي إي" إنه "لا ينبغي لرئيس سابق أن يقول ذلك"، معتبرا أن تصريحاته "خيالية" و"صادمة".

وأضاف أن ساركوزي يرتكب "خطأ مروعا"، لكننا "نفهمه بشكل أفضل عندما نعلم أن الروس اشتروه"، في إشارة إلى تحقيق جار في علاقات ساركوزي بشركة تأمين روسية.

ويجري مكتب المدعي المالي الوطني تحقيقا منذ العام 2021 بشأن عقد بقيمة 3 ملايين يورو (3.2 مليون دولار)، للاشتباه بقيام ساركوزي بـ"استغلال النفوذ" و"غسل جريمة أو جنحة".

ورأى بايو في ذلك دليل آخر على "سيطرة روسيا على النخب"، في إشارة إلى أنشطة رئيس الوزراء السابق، فرانسوا فيون، في مجال النفط، وقرض مصرفي استحصل عليه حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف بزعامة، مارين لوبن، من روسيا.

إلى ذلك استنكرت النائبة في البرلمان الأوروبي، ناتالي لوازو، المنضوية في فريق الأكثرية أيضا، على منصة "أكس" (تويتر سابقا) "تبعية جزء من الطبقة السياسية الأوروبية لآراء فلاديمير بوتين".

وتساءل زميلها البلجيكي، غي فيرهوفشتات، عما إذا كان ينبغي "الضحك أو البكاء" جراء تصريحات ساركوزي، معتبرا أنها تشير إلى "أخطاء مأساوية" تجاه روسيا التي أصبحت "دولة إرهابية".

"منطق إجرامي"

من جهتها، قالت النائبة عن حزب "النهضة" الرئاسي بزعامة الرئيس، إيمانويل ماكرون، ناتاليا بوزيريف، والتي تشغل منصب رئيسة فريق الصداقة بين فرنسا وروسيا في الجمعية الوطنية "نعم للعثور على مخرج للحرب في أوكرانيا، ولا للتحدث مع بوتين".

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية أن الموقف الرسمي لم يتغير قائلة "موقف فرنسا بشأن الحرب العدوانية الروسية في أوكرانيا معروف جيدا".

وقال رئيس لجنة الشؤون الأوروبية في الجمعية الوطنية الفرنسية، بيير ألكسندر أنغلاد، "طالما كان ذلك ضروريا، سيكون كل من فرنسا والاتحاد الأوروبي حاضرين إلى جانب الأوكرانيين".

كذلك علقت السلطات الأوكرانية بلسان مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، على مواقف ساركوزي، معتبرة أنها تستند إلى "منطق إجرامي"، "يبرر حرب العدوان". واعتبر بودولياك أن مواقف ساركوزي ترقي إلى "تواطؤ مباشر" رافضا أي تلميح بإجراء استفتاء.

وعلقت روسيا على كلام ساركوزي بنبرة مختلفة حيث أشاد الرئيس الروسي السابق، دميتري ميدفيديف، بـ "تصريحات شجاعة ومنصفة".

وأعرب خبراء في العلاقات الدولية عن حذر على غرار، فرنسوا هيسبورغ، عضو مؤسسة البحوث الاستراتيجية الذي تحدث عن "مقابلة مخزية مؤيدة لبوتين" يمكن أن توقع الرئيس الفرنسي الأسبق "في مأزق"، "وليس فقط سياسيا".

من جهته تحدث عضو آخر في مؤسسة البحوث الاستراتيجية هو، برونو تيرتريس، بسخرية عن مقابلة "يمكن أن تثير الضحك أو البكاء أو الشفقة".

بدوره قال، جيروم بوارو، مستشار شؤون الاستخبارات السابق لساركوزي، لتلفزيون "إل سي إي" إن تصريحات الرئيس الأسبق "مخزية".

وأضاف "ليس لديه أي منظور لما حدث أو ما فعله" خلال ولايته بين 2007-2012، مشيرا إلى أن ساركوزي كان أحد الأصوات الرئيسية المعارضة لانضمام جورجيا وأوكرانيا إلى الناتو عام 2008، الأمر الذي لم يمنع غزو روسيا لاحقا لكلا البلدين.

وتساءل "ما هي الخطوط الحمراء للرئيس ساركوزي؟ ما هي رؤيته لأمن فرنسا؟ مجرد الاستسلام لكل ما يريده فلاديمير بوتين؟".