تواصل فرق الإنقاذ جهوداً مكثفة في قرى دمرها الزلزال وإن كانت آمال العثور على ناجين تتضاءل، بعد ستة أيام على الكارثة التي خلفت قرابة ثلاثة آلاف قتيل.

في موازاة ذلك، تتواصل جهود فتح وتوسعة مسالك جبلية لإيصال المساعدات للقرى النائية.

بلغ عدد ضحايا الزلزال 2946 قتيلا إضافة إلى 5674 جريحا إلى حد مساء الأربعاء، وفق آخر حصيلة أعلنتها وزارة الداخلية، مشيرة إلى أن معظمهم دفنوا.



وأكدت الوزارة أن السلطات "تواصل جهودها للتكفل بالمصابين، وإيواء المتضررين، وإيصال الإعانات الغذائية والصحية لهم"، فضلا عن "تأمين حركة السير بالطرق".

في تلات نيعقوب، إحدى تلك القرى المنكوبة، أخرجت فرق الإنقاذ جثمانا من تحت الأنقاض وفق ما أظهرت صور بثها ظهر الأربعاء تلفزيون "الأولى" العمومي، مؤكدا استمرار عمليات البحث.

ويستعين المغرب بفرق إنقاذ من كل من بريطانيا وإسبانيا والإمارات وقطر، لكنها تواجه تضاريس وعرة حيث ضرب الزلزال في عمق مناطق جبلية تضم قرى متناثرة ونائية.

وأوضح أحد أفراد فريق الإنقاذ القطري "نتدخل في الكثير من الأماكن التي لا يمكن أن تصلها العربات".

وقد سويت العديد من القرى بالأرض، خصوصا وأن معظم الأبنية طينية، كما في قرية إنغيد حيث قال المزارع محمد المتوكل لفرانس برس "فقدنا كل شيء".

وتقوم مروحيات عسكرية بنحو 35 إلى 40 مهمة يوميا منذ السبت بين مطار في مراكش والأماكن الجبلية المعزولة، تشمل إجلاء جرحى ونقل مساعدات، بحسب ما أضاف تلفزيون "الأولى" الأربعاء.

تضامن

أطلق الصليب الأحمر الدولي نداء لجمع أكثر من 100 مليون دولار لتوفير الاحتياجات العاجلة للمغرب، فيما تتواصل حملات تضامنية واسعة من مختلف مدن المملكة لإيصال مساعدات للمناطق المنكوبة.

في المقابل، توجهت قوافل مساعدات نحو قرى أبعد باتجاه الغرب، مثل قرية تيخت حيث توصل السكان بأغذية وأسرة وأغطية وحفاظات للرضع.

في قرية أداسيل، المنكوبة هي الأخرى، تجمع ناجون حول متطوعين يوزعون المساعدات، وقد جاؤوا من مدينة تيزنيت البعيدة بنحو 400 كليومتر.

وهذا الإقليم هو ثاني المناطق تضررا من الزلزال بعد إقليم الحوز، وكلاهما يضم قرى متناثرة على الجبال.

ومنذ اهتزاز الأرض في هذه المساحات الشاسعة ليل الجمعة تواجه عمليات الإغاثة وإيصال المساعدات طرقا قطعت بسبب انهيارات صخرية، وعلى الخصوص المسالك غير المعبدة التي تخترق الجبال.

وقال مسؤول في وزارة التجهيز الأربعاء إن فرقا متخصصة تواصل العمل على فتح العديد من تلك المسالك الثانوية وسط الجبال، لتأمين الوصول إلى قرى صغيرة.

لكن تلك العمليات تواجه تحدي تكرار انهيارات صخرية بسبب هزات ارتدادية، وفق ما أضاف المسؤول في الوزارة.

الأربعاء أدت هزة ارتدادية في قرية إيمي نتالا (نحو 70 كيلومترا جنوب غرب مراكش) إلى تهاوي صخرة أصابت شخصا إصابات خفيفة وتمّ نقله في سيارة إسعاف إلى المستشفى، بحسب مراسلي فرانس برس. وهذه القرية قريبة من مركز الزلزال.

قلق

على الطرق المؤدية للقرى الجبلية، وزعت القوات المسلحة الثلاثاء خياما على السكان الذين فقدوا بيوتهم.

لكن ذلك لا يمنع استمرار قلق الناجين وتساؤلات حول مصيرهم، حيث يخشى بعضهم على الخصوص من هطول المطر.

وكان رئيس الوزراء عزيز أخنوش أكد الاثنين أن السكان الذين هدمت بيوتهم "سيتلقون تعويضات"، موضحًا "سيكون هناك عرض واضح سنحاول تحضيره هذا الأسبوع" في هذا الشأن.

ولفت إلى أنه يتمّ النظر حاليًا في حلول لإيواء المشرّدين، بينما أنشئ صندوق خاص لمواجهة تداعيات الكارثة، وهو مفتوح لتلقي التبرعات.

وقد أقامت القوات المسلحة الملكية التي تشارك في عمليات الإنقاذ منذ صباح السبت، مستشفيات ميدانية للتكفل بالجرحى.

والزلزال الذي وقع ليل الجمعة السبت، بقوة 7 درجات بحسب المركز المغربي للبحث العلمي والتقني (6,8 وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية)، هو أقوى هزّة يتمّ قياسها في المغرب على الإطلاق، واعتبر الأعنف من نوعه في المغرب.

فيما يبقى الزلزال الأكثر فتكا حتى الآن هو ذلك الذي دمر مدينة أغادير الساحلية (نحو 250 كيلومترا جنوب غرب مراكش) في 29 شباط/فبراير 1960، مخلفا ما بين 12 إلى 15 ألف قتيل، هم ثلث سكان المدينة.