كشف المستشار محمد عبدالرحمن، عن خلو قانون الصحة العامة من نص خاص يعاقب ناقل عدوى فيروس كورونا لشخص ووفاته بسبب ذلك، لكنه أكد أن القصد الاحتمالي في جريمة القتل العمد يعد متوافراً بقصد الجاني التسبب بنقل العدوى وخطر في باله أن ذلك قد يؤدي لوفاته كنتيجة محتملة، ويجعل المسؤولية الجنائية قائمة على أساس جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت.

ونبه في محاضرة نظمتها هيئة التشريع والرأي القانوني بعنوان: "المسؤولية الجنائية عن النقل العمدي لفيروس كورونا"، إلى تساؤل يثار عن مدى انطباق نصوص جريمة الاعتداء المفضي إلى موت، على المتسبب بنقل عدوى الفيروس، والمسؤولية الجنائية في حال وفاة المجني عليه.

وقال: "قد تتحقق الوفاة كنتيجة عن جريمة التسبب في نقل فيروس كورونا، وهذه الحالة لا تخرج عن فرضيتين: الأولى أن الوفاة حدثت كنتيجة متعدية لقصد الجاني، والثانية، اتجاه إرادة الجاني إلى إحداث الوفاة".



وأوضح أن قانون الصحة العامة، خلا من نص خاص يعاقب الجاني في حال تحقق نتيجة أجسم من التي قصدها، لكنه نجد في المادة 131 منه على أنه "لا تُخِل العقوبات المشار إليها في المواد السابقة، بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أيِّ قانون آخر"، وبالرجوع إلى نص المادة 336 من قانون العقوبات بأنه "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 7 سنوات من اعتدى على سلام جسم غيره بأي وسيلة ولم يقصد من ذلك قتله ولكنه أفضى إلى موته".

وأكد أن الاعتداء على سلامة جسم الغير، يشمل سلوك التسبب عن قصد في نقل العدوى، وذلك بالنظر إلى السلوك الإجرامي في جريمة الاعتداء المفضي إلى موت، حيث نص المشرع بأنه "الاعتداء على سلام جسم الغير بأي وسيلة" وعلى ذلك فهو كل مساس بسلامة جسم الغير مهما كانت الوسيلة.

وقال "إنه وفقاً لهذا النص فإن الجريمة ذات العقوبة الأشد بين الجريمتين موضوع النقاش هي جريمة الاعتداء المفضي إلى موت إذ إنها تعد من عداد الجنايات في حين أن جريمة النقل العمدي لفيروس كورونا تأخذ وصف الجنحة".

وأوضح أن السلوك الإجرامي في جريمة التسبب في نقل عدوى فيروس كورونا هو ذات السلوك في جريمة الاعتداء المفضي إلى موت، إلا أن النتيجة قد اختلفت، ففي جريمة التسبب في نقل العدوى تقف النتيجة عند حد إصابة المجني عليه بالمرض.

وأشار إلى أن المشرع قصد حماية سلامة جسم المجني عليه من المساس به عن طريق نقل العدوى إليه، بالإضافة إلى حماية المجتمع بوجه عام من تزايد انتشار الأوبئة.

ولفت إلى أنه ليس من بين المصالح المحمية بنص المادة 121 من قانون الصحة العامة "الحق في الحياة"، وقال: "لذلك فإن التسبب في نقل العدوى إذا ما أدى إلى الوفاة فإن المساس قد انصب على مصلحة أعظم من تلك التي حماها المشرع بتجريم التسبب بنقل العدوى وهو الحق في الحياة".

وأضاف، أنه باختلاف المصلحة يكون التنازع بين النصين من قبيل التعدد المعنوي في الجرائم ويتعين تطبيق الجريمة ذات الوصف الأشد، فما دامت المصالح المحمية التي قصد المشرع حمايتها بكلا الجريمتين قد اختلفت فإن تحقق الوفاة يؤدي إلى اختلاف الجريمة المتحققة يجعل المسؤولية الجنائية قائمة على أساس جريمة الاعتداء المفضي إلى موت.

وحول مدى إمكانية قيام المسؤولية الجنائية عن جريمة القتل العمدي أوضح، أن الدراسات الطبية أثبتت بأن نسبة تحقق الوفاة بسبب الإصابة بفيروس كورونا تعد ضئيلة، ولكن تزداد هذه النسبة عندما تتوافر عوامل أخرى كأن يكون المصاب بفيروس كورونا مريضاً بأمراض أخرى مثل داء السكري أو ضعف في القلب أو مصاباً بداء الربو وغيرها من الأمراض التي تجعل من جسد المصاب بها عاجز عن مقاومة فيروس كورونا.

وقال: "من المتصور قيام المسؤولية الجنائية عن جريمة القتل العمد على أساس القصد الاحتمالي، فإذا كان الجاني قصد التسبب في نقل عدوى فيروس كورونا إلى شخص مصاب بأحد الأمراض المزمنة وخطر في باله أن ذلك قد يؤدي إلى وفاته كنتيجة محتملة وممكنة الحدوث وإن لم يقصدها بالدرجة الأولى، إلا أنه استمر في إتيان سلوكه قابل المخاطر بحدوث الوفاة، فإن القصد الاحتمالي في جريمة القتل العمد يعد متوافراً وعليه تقوم المسؤولية الجنائية تجاه الجاني على أساس جريمة القتل العمد".